فصل: المسيح يكذب دعوى ربوبيته وإلهيته ويصرح بأنه نبي بشر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (نسخة منقحة)



.المسيح يكذب دعوى ربوبيته وإلهيته ويصرح بأنه نبي بشر:

وقد تضمن هذا كله تكذيبهم الصريح للمسيح وإن أوهمتهم ظنونهم الكاذبة أنهم يصدقونه فإن المسيح قال لهم إن الله ربي وربكم، وإلهي وإلهكم فشهد على نفسه أنه عبد لله مربوب مصنوع، كما أنهم كذلك، وأنه مثلهم في العبودية والحاجة والفاقة إلى الله، وذكر أنه رسول الله إلى خلقه كما أرسل الأنبياء قبله، ففي إنجيل يوحنا أن المسيح قال في دعائه: إن الحياة الدائمة إنما تجب للناس بأن يشهدوا أنك أنت الله الواحد الحق وأنك أرسلت اليسوع المسيح وهذا حقيقة شهادة المسلمين أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقال لبني إسرائيل: تريدون قتلي وأنا رجل قلت لكم الحق الذي سمعت الله يقوله فذكر ما غايته أنه رجل بلغهم ما قاله الله، ولم يقل وأنا إله ولا ابن الإله على معنى الوالد، وقال: إني لم أجيء لأعمل بمشيئة نفسي ولكن بمشيئة من أرسلني وقال إن الكلام الذي تسمعونه مني ليس من تلقاء نفسي، ولكن من الذي أرسلني، والويل لي إن قلت شيئا من تلقاء نفسي ولكن بمشيئة هو من أرسلني وكان يواصل العبادة من الصلاة والصوم ويقول ما جئت لأخدم إنما جئت لأخدم فأنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله الله بها وهي منزلة الخدام، وقال: لست أدين العباد بأعمالهم ولا أحاسبهم بأعمالهم، ولكن الذي أرسلني هو الذي يلي ذلك منهم كل هذا في الإنجيل الذي بأيدي النصارى.. وفيه أن المسيح قال: يا رب قد علموا إنك قد أرسلتني، وقد ذكرت لهم اسمك فأخبر أن الله ربه وأنه عبده ورسوله. وفيه أن الله الواحد رب كل شيء، أرسل من أرسل من البشر إلى جميع العالم ليقبلوا إلى الحق وفيه أنه قال: إن الأعمال التي أعمل هي الشاهدات لي بأن الله أرسلني إلى هذا العالم. وفيه: ما أبعدني وأتعبني إن أحدثت شيئا من قبل نفسي، ولكن أتكلم وأجيب بما علمني ربي وقال إن الله مسحني وأرسلني، وأنا عبد الله، وإنما أعبد الله الواحد ليوم الخلاص.
وقال إن الله عز وجل ما أكل ولا يأكل وما شرب ولا يشرب ولم ينم ولا ينام ولا ولد له ولا يلد ولا يولد ولا رآه أحد ولا يراه أحد غلا مات وبهذا يظهر لك سر قوله تعالى في القرآن {ما المَسيحُ اِبنُ مَريم إلا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُسُل وَأُمُهُ صِديقةٌ كانا يَأكلانِ الطَعام} تذكيرا للنصارى بما قال لهم المسيح. وقال في دعائه لما سأل ربه أن يحيى الميت: أنا أشكرك وأحمدك لأنك تجيب دعائي في هذا الوقت وفي كل وقت، فأسألك أن تحيي هذا الميت ليعلم بنو إسرائيل أنك أرسلتني وإنك تجيب دعائي وفي الإنجيل أن المسيح حين خرج من السامرية ولحق بجلجال قال لم يكرم أحد من الأنبياء في وطنه فلم يزد على دعوى النبوة. وفي إنجيل لوقا لم يقتل أحد من الأنبياء في وطنه فلم يزد على دعوى النبوة. وفي أنجيل لوقا لم يكرم أحد من الأنبياء في وطنه فلم يزد على دعوى النبوة. وفي إنجيل لوقا لم يقتل أحد من الأنبياء في وطنه فلم يزد على دعوى النبوة. وفي إنجيل لوقا لم يقتل أحد من الأنبياء في وطنه وفي إنجيل مرقس إن رجلا أقبل إلى المسيح وقال أيها المعلم الصالح أي خير أعلم لأنال الحياة الدائمة؟ فقال له المسيح: لم قلت صالحا؟ إنما الصالح الله وحده، وقد عرفت الشروط، لا تسرق ولا تزن ولا تشهد بالزور ولا تخن، وأكرم أباك وأمك وفي إنجيل يوحنا أن اليهود لما أرادوا قبضه رفع بصره إلى السماء وقال قد دنا الوقت يا إلهي فشرفني لديك، واجعل لي سبيلا أن أملك لك من ملكتني الحياة الدائمة.
وإنما الحياة الباقية أن يؤمنوا بك إلها واحدا وبالمسيح الذي بعثت وقد عظمتك على أهل الأرض واحتملت الذي أمرتني به فشرفني فلم يدع سوى أنه عبد مرسل مأمور مبعوث.
وفي إنجيل متى لا تنسبوا أباكم الذي على الأرض فإن أباكم الذي في السماء وحده، ولا تدعوا معلمين فإنما معلمكم المسيح وحده والأب في لغتهم الرب المربي، أي لا تقولوا إلهكم وربكم في الأرض ولكنه في السماء، ثم أنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله بها ربه ومالكه وهو أن غايته أنه يعلم في الأرض وإلههم هو الذي في السماء. وفي إنجيل لوقا حين دعا الله فأحيا ولد المرأة قالوا إن هذا النبي العظيم، وإن الله قد تفقد أمته. وفي إنجيل يوحنا إن المسيح أعلن صوته في البيت وقال لليهود قد عرفتموني وموضعي، ولم آت من ذاتي، ولكن بعثني الحق وأنتم تجهلونه، فإن قلت إني أجهله كنت كاذبا مثلكم وأنا أعلم وأنتم تجهلونه أني منه وهو بعثني فما زاد في دعواه على ما ادعاه الأنبياء فأمسكت المثلثة قوله إني منه وقالوا: إله حق من إله حق. وفي القرآن: {رَسولٌ مِنَ اللَه} وقال هود: {وَلَكني رَسولٌ مِن ربِ العالمين} وكذلك قال صالح! ولكن أمة الضلال كما أخبر الله عنهم يتبعون المتشابه ويردون المحكم.
وفي الإنجيل أيضا أنه قال لليهود وقد قالوا له: {نَحنُ أَبناءُ اللَهِ} فقال لهم: لو كان الله أباكم لأطعتموني لأني رسول منه خرجت مقبلا ولم أقبل من ذاتي ولكن هو بعثني، لكنكم لا تقبلون وصيتي وتعجزون عن سماع كلام، إنما أنتم أبناء الشيطان وتريدون إتمام شهواته وفي الإنجيل إن اليهود أحاطت به وقالت له إلى متى تخفى أمرك إن كنت المسيح الذي ننتظره فأعلمنا بذلك ولم تقل إن كنت الله أو ابن الله فإنه لم يدع ذلك ولا فهمه عند أحد من أعدائه ولا أتباعه. وفي الإنجيل أيضا فإن اليهود أرادوا القبض عليه فبعثوا لذلك الأعوان وإن الأعوان رجعوا إلى قوادهم فقالوا لهم لم لم تأخذوه، فقالوا ما سمعنا آدميا أنصف منه، فقالت اليهود وأنتم أيضا مخدوعون أترون أنه آمن به أحد من القواد أو من رؤساء أهل الكتاب؟ فقال لهم بعض أكابرهم: أترون كتابكم يحكم على أحد قبل أن يسمع منه؟ فقالوا له: اكشف الكتب ترى أنه لا يجيء من جلجال نبي فما قالت اليهود ذلك إلا وقد أنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله بها ربه ومالكه أنه نبي، ولو علمت من دعوه الإلهية لذكرت ذلك له وأنكرته عليه وكان أعظم أسباب التنفير عن طاعته؛ لأن كذبه كان يعلم بالحس والعقل والفطرة واتفاق الأنبياء.
ولقد كان يجب لله سبحانه- لو سبق في حكمته أنه يبرز لعباده، وينزل عن كرسي عظمته، ويباشرهم بنفسه- أن لا يدخل في فرج امرأة، ويقيم في بطنها بين البول والنجو والدم عدة أشهر، وإذ قد فعل ذلك. لا يخرج صبيا صغيرا، يرضع ويبكي، وإذ قد فعل ذلك، لا يأكل مع الناس ويشرب معهم وينام، وإذ قد فعل ذلك فلا يبول ولا يتغوط ويمتنع من الخرأة إذ هي منقصة ابتلى بها الإنسان في هذه الدار لنقصه وحاجته، وهو تعالى المختص بصفات الكمال المنعوت بنعوت الجلال، الذي ما وسعته سمواته ولا أرضه، وكرسيه وسع السموات والأرض فكيف وسعه فرج امرأة. تعالى الله رب العالمين. وكلكم متفقون على أن المسيح كان يأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينام.
ما يراد بلفظ الأب و الرب و الإله والسيد في كتبهم التي اشتبهت عليه أسئلة على إلاهية المسيح تنتظر الجواب من عباد الصليب:
فيا معر المثلة وعباد الصليب! أخبرونا من كان الممسك للسموات والأرض حين كان ربها وخالقها مربوطا على خشبة الصليب وقد شدت يداه ورجلاه بالحبال وسمرت اليد التي أتقنت العوالم، فهل بقيت السموات والأرض خلوا من إلهها وفاطرها وقد جرى عليه هذا الأمر العظيم؟! أم تقولون استخلف على تدبيرها غيره وهبط عن عرشه لربط نفسه على خشبة الصليب وليذوق حر المسامير وليوجب اللعنة على نفسه حيث قال في التوراة: ملعون من تعلق بالصليب أم تقولون: كان هو المدبر لها في تلك الحال، فكيف وقد مات ودفن؟! أم تقولونه- وهو حقيقة قولكم- لا ندري ولكن هذا في الكتب وقد قاله الآباء وهم القدوة والجواب عليهم؟! فنقول لكم وللآباء معاشر المثلثة عباد الصليب! ما الذي دلكم على إلهية المسيح؟ فإن كنتم استدللتم عليها بالقبض من أعدائه عليه وسوقه إلى خشبة الصليب وعلى رأسه تاج من الشوك وهم يبصقون في وجهه ويصفعونه ثم أركبوه ذلك المركب الشنيع وشدوا يديه ورجليه بالحبال وضربوا فيها المسامير وهو يستغيث وتعلق ثم فاضت نفسه وأودع ضريحه؛ فما أصحه من استدلال عند أمثالكم ممن هم أضل من الأنعام؟ وهم عار على جميع الأنام!! وإن قلتم إنما استدللنا على كونه إلها بأنه لم يود من البشر ولو كان مخلوقا لكان مولودا من البشر، فإن كان هذا الاستدلال صحيحا فآدم إله المسيح، وهو أحق بأن يكون إلها منه لأنه لا أم له ولا أب والمسيح له أم، وحواء أيضا جعلوها إلها خامسا لأنها لم أم لها وهي أعجب من خلق المسيح؟! والله سبحانه قد نوع خلق آدم وبنيه إظهارا لقدرته وأنه يفعل ما يشاء، فخلق آدم لا من ذكر ولا من أنثى، وخلق زوجه حوى من ذكر لا من أنثى، وخلق عبده المسيح من أنثى لا من ذكر، وخلق سائر النوع من ذكر وأنثى.
وإن قلتم: استدللنا على كونه إلها بأنه أحيا الموتى، ولا يحيهم إلا الله. فاجعلوا موسى إلها آخر، فإنه أتي من ذلك بشيء لم يأت المسيح بنظيره ولا ما يقاربه، وهو جعل الخشبة حيوانا عظيما ثعبانا، فهذا أبلغ وأعجب من إعادة الحياة إلى جسم كانت فيه أولا، فإن قلتم هذا غير إحياء الموتى فهذا اليسع النبي أتى بإحياء الموتى وهم يقرون بذلك، وكذلك إيليا النبي أيضا أحيا صبيا بإذن الله، وهذا موسى قد أحيا بإذن الله السبعين الذين ماتوا من قومه، وفي كتبكم من ذلك كثير عن الأنبياء والحواريين: فهل صار أحد منهم إلها بذلك؟!! وإن قلتم جعلناه إلها للعجائب التي ظهرت على يديه فعجائب موسى أعجب وأعجب، وهذا إيليا النبي بارك على دقيق العجوز ودهنها فلم ينفد ما في جرابها من الدقيق وما في قارورتها من الدهن سبع سنين!! وإن جعلتموه إلها لكونه أطعم من الأرغفة اليسيرة آلافا من الناس فهذا موسى قد أطعم أمته أربعين سنة من المن والسلوى!! وهذا محمد بن عبد الله قد أطعم العسكر كله من زاد يسير جدا حتى شبعوا وملؤا أوعيتهم، وسقاهم كلهم من ماء يسير لا يملأ لايد حتى ملؤا كل سقاء في العسكر، وهذا منقول عنه بالتواتر؟!! وإن قلتم جعلناه إلها لأنه صاح بالبحر فسكنت أمواجه، فقد ضرب موسى البحر بعصاه فانفلق اثني عشر طريقا وقام الماء بين الطرق كالحيطان، وفجر من الحجر الصلد اثني عشر عينا سارحة!! وإن جعلتموه إلها لأنه أبرأ الأكمه والأبرص فأحياء الموتى أعجب من ذلك، وآيات موسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أعجب من ذلك!! وإن جعلتموه إلها لأنه ادعى ذلك فلا يخلو إما أن يكون الأمر كما تقولون عنه أو يكون إنما ادعى العبودية والافتقار وأنه مربوب مصنوع مخلوق، فإن كان كما ادعيتم عليه فهو أخو المسيح الدجال وليس بمؤمن ولا صادق فضلا عن أن يكون نبيا كريما وجزاؤه جهنم وبئس المصير، كما قال تعالى: {وَمَن يَقُل مِنهُم إِني إِلهٌ مِن دونِهِ فَذَلِكَ نَجزيهِ جَهَنّم} وكل من ادعى الإلهية من دون الله فهو من أعظم أعداء الله كفرعون ونمرود وأمثالهما من أعداء الله فأخرجتم المسيح عن كرامة الله ونبوته ورسالته وجعلتموه من أعظم أعداء الله، ولهذا كنتم أشد الناس عداوة للمسيح في صورة محب موال!! ومن أعظم ما يعرف به كذب المسيح الدجال أنه يدعي الإلهية فيبعث الله عبده ورسوله مسيح الهدى ابن مريم فيقتله، ويظهر للخلائق أنه كان كاذبا مفتريا ولو كان إلها لم يقتل فضلا عن أن يصلب ويسمر ويبصق في وجهه!! وإن كان المسيح إنما ادعى أنه عبد ونبي ورسول كما شهدت به الأناجيل كلها ودل عليه العقل والفطرة وشهدتم أنتم له بالإلهية- وهذا هو الواقع- فلم تأتوا على إلهيته ببينة غير تكذيبه في دعواه، وقد ذكرتم عنه في أناجيلكم في مواضع عديدة ما يصرح بعبوديته وأنه مربوب مخلوق، وأنه ابن البشر، وأنه لم يدع غير النبوة والرسالة، فكذبتموه في ذلك كله وصدقتم من كذب على الله وعليه!